responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 237
بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ لَمْ يَشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى أَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ بِالْقُرْآنِ لِيَهْتَدُوا فَأَعْرَضُوا وَكَانُوا أَحَقَّ بِأَنْ يَحْرِصُوا عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِالْقُرْآنِ وبهدي مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[24]

[سُورَة السجده (32) : آيَة 24]
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (24)
أُشِيرَ إِلَى مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَعَلَ مِنْهُمْ أَيِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَالْأَمْرُ يَشْمَلُ الْوَحْيَ بِالشَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِهَا، وَيَشْمَلُ الِانْتِصَابَ لِلْإِرْشَادِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْعُلَمَاءَ أَنْ يُبَيِّنُوا الْكِتَابَ وَيُرْشِدُوا إِلَيْهِ فَإِذَا هَدَوْا فَإِنَّمَا هَدَوْا بِأَمْرِهِ وَبِالْعِلْمِ الَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ وَأَحْبَارُهُمْ فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ لَمَّا صَبَرُوا وَأَيْقَنُوا لِمَا جَاءَهُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَمُعْجِزَاتِ رَسُولِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ بِآياتِنا يُوقِنُونَ دَلَائِلَ صِدْقِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ صَبَرُوا عَلَى مَشَاقِّ التَّكْلِيفِ وَالْخُرُوجِ بِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَمَا لَقُوهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالِاضْطِهَادِ وَتِيهِهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَتَدَبَّرُوا فِي الْآيَاتِ وَنَظَرُوا حَتَّى أَيْقَنُوا.
وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْمَوَاعِظِ فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْآيَاتِ عَلَيْهَا مُشَاكَلَةٌ تَقْدِيرِيَّةٌ لِمَا هُوَ شَائِعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَسْمِيَةِ جُمَلِ الْقُرْآنِ آيَاتٍ لِأَنَّهَا مُعْجِزَةٌ فِي بَلَاغَتِهَا خَارِجَةٌ عَنْ طَوْقِ تَعْبِيرِ الْبَشَرِ. فَكَانَتْ دَلَالَاتٌ عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا نَحْوُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي: فَوَضَعَ الْيَهُودِيُّ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، أَيِ الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ حُكْمُ الرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ فَسَمَّاهُ الرَّاوِي آيَةً مُشَاكَلَةً لِكَلَامِ الْقُرْآنِ. وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِالْبِشَارَةِ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَيِمَّةً لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَهُدَاةً لِلْمُسْلِمِينَ إِذْ صَبَرُوا عَلَى مَا لَحِقَهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ أَذَى قَوْمِهِمْ وَصَبَرُوا عَلَى مَشَاقِّ التَّكْلِيفِ وَمُعَادَاةِ أَهْلِهِمْ وَقَوْمِهِمْ وَظُلْمِهِمْ إِيَّاهُمْ. وَتَقْدِيمُ بِآياتِنا عَلَى يُوقِنُونَ لِلِاهْتِمَامِ بِالْآيَاتِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمَّا صَبَرُوا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَهِيَ لَمَّا الَّتِي هِيَ حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ وَتُسَمَّى التَّوْقِيتِيَّةَ، أَيْ: جَعَلْنَاهُمْ أَيِمَّةً حِينَ صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ. وَقَرَأَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست